المطلوب موقف استراتيجي للخروج من أوسلو

المطلوب موقف استراتيجي للخروج من أوسلو والتحلل من التزاماته لإفشال صفقة القرن

  • المطلوب موقف استراتيجي للخروج من أوسلو والتحلل من التزاماته لإفشال صفقة القرن

افاق قبل 5 سنة

أوسلو وإعادة هيكلية الاحتلال وصفقة القرن تجسيد للأمر الواقع وخرق فاضح للقوانين والمواثيق الدولية

المطلوب موقف استراتيجي للخروج من أوسلو والتحلل من التزاماته لإفشال صفقة القرن

المحامي علي ابوحبله

 

منـذ عـام ١٩٧٤ والأمـم المتحـدة تكـرر التأكيـد بسـبل مختلفـة علـى حقـوق الشـعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها الحق في تقرير مصـيره دون تـدخل خـارجي والحـق في الاستقلال الوطني والسيادة (انظر قرار الجمعيـة العامـة ٣٢٣٦) د-٢٤ .((وخـلال الفتـرة مـن عــام ١٩٨٩ إلى عــام ٢٠٠٠ ،ظلــت اللجنــة المعنيــة بممارســة الشــعب الفلســطيني لحقوقــه غير القابلة للتصرف من المؤيدين والمناصرين بشدة لحق الفلسطينيين في تقرير المصـير، لا سـيما

حقهم في إقامة دولتـهم المسـتقلة، فلسـطين. وأنشـئت في الأرض الفلسـطينية المحتلـة مؤسسـات مؤقتـة شـبه حكوميـة علـى أسـاس اتفاقـات ثنائيـة تفاوضـت بشأنها إسـرائيل ومنظمـة التحريـر الفلسطينية في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط الـتي جـرت في تسـعينات القـرن الماضـي؛

وانقضـت في ٤ أيار/مـايو ١٩٩٩ فتـرة السـنوات الخمـس الانتقاليـة المقـررة بموجـب الاتفـاق المؤقت، دون أن يُشرَع في مفاوضات الوضع النهائي من الناحية الموضـوعية. وفي ذلـك العـام، امتنع الفلسطينيون عن إعلان قيام دولة مستقلة من جانب واحد، وأكـد الاتحـاد الأوروبي مـن جديد “حق الفلسـطينيين المتواصـل وغـير المشـروط في تقريـر المصـير، بمـا في ذلـك خيـار إقامـة  ألدوله الفلسطينية المستقلة

فالواقع، أن "اتفاقيات أوسلو"، التي كان من المؤمل أن تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة بعد خمس سنوات من حكم ذاتي محدود، ولّدت آليات جديدة للسيطرة داخل المناطق الفلسطينية المحتلة، وأعادت صوغ الاستعمار الاستيطاني. وبحسب الباحثة سارة روي، الأستاذة المساعدة في "مركز الدراسات الشرق أوسطية" في جامعة هارفارد  التي عملت سنوات عديدة في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، فإن "اتفاقيات أوسلو" (1993- 1995)، واتفاقية "البروتوكول الاقتصادي- اتفاقية باريس" (نيسان 1994)، لم تبدّلا، كما تم تصميمها، هيكليات الاحتلال الإسرائيلي بل حافظت عليها، وإن كان ذلك عبر أشكال جديدة وأقل مباشرة إلى حد ما.

وعلى الرغم من قيام  سلطة وطنية فلسطينية في سنة 1994، فإن ظاهرة التبعية لم تختفِ، ولم يفلح الاقتصاد الفلسطيني في تحقيق الاعتماد على الذات. وبحسب ليلى فرسخ، الأستاذة المشاركة في جامعة مساتشوستس بمدينة بوسطن، فإن سنوات أوسلو  أدّت  إلى تغيير نمط التبعية الفلسطينية لإسرائيل بدلاً من إنهائها. فقد توقّفت إسرائيل عن تأدية دور المدير المباشر للاقتصاد الفلسطيني، كما كان الحال قبل سنة 1993، وأصبحت بمثابة البوّاب الذي يتحكّم بالمالية الفلسطينية وبوصول الفلسطينيين إلى العالم، إذ لا تزال إسرائيل وجهة نحو 90 في المئة من الصادرات الفلسطينية، كما أن نحو 70 في المئة من الواردات الفلسطينية مصدرها إسرائيل. وتضاءل التبادل التجاري بين المناطق الفلسطينية، لا سيما بين قطاع  غزة والضفة الغربية، جراء الإغلاق والحصار (فرسخ، آذار 2015).

ويدعو البروتوكول الاقتصادي، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، إلى تطبيق شبه "اتحاد جمركي" بين إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة، يعكس استمرار تبعية فلسطين الشديدة للسوق الإسرائيلية. فالضفة الغربية وقطاع غزة تبقيان سوقاً أسيرة للاقتصاد الإسرائيلي فيما يتعلق بالأيدي العاملة والسلع، وذلك لأن "الاتحاد الجمركي" ترافق مع تقييدات معينة حاسمة بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني. إذ لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تقيم أو أن تسعى لإقامة علاقات تجارية مستقلة مع بلدان أخرى، لأن إسرائيل، مع بعض الاستثناءات المعينة، تحدد سياسات التبادل التجاري (الرسوم الجمركية، نظام الحصص، والمعايير). وهذا يعني أن السلطة الفلسطينية ممنوعة قانونياً من السعي لإيجاد أسواق جديدة لصادراتها ومصادر جديدة لواردات أقل تكلفة. وفي الواقع، لا يمكن للفلسطينيين أن يستوردوا سلعاً من بلدان ليست لديها علاقات تجارية مع إسرائيل، وهذا يشمل غالبية الدول الإسلامية. ولا تملك السلطة الفلسطينية قوة صنع القرار الاستراتيجي في مجالات أخرى من السياسة الاقتصادية، كالمجالين المالي والنقدي (روي، 2018).

وينص البروتوكول الاقتصادي على أن تقوم إسرائيل بتحويل عائدات ضرائب القيمة المضافة والجمارك للسلطة الفلسطينية. وعلى الرغم من أن هذه التحويلات مهمة جداً لأنها تشكل الجزء الأكبر من ميزانية السلطة الفلسطينية، إذ هي مثّلت 60 إلى 70 في المئة من عائدات السلطة الفلسطينية و20 في المئة من إجمالي الناتج القومي الفلسطيني في التسعينيات، فهي تكشف أيضاً روابط  تبعية اقتصادية تضع السلطة الفلسطينية في موقف ضعيف وهش أمام الحكومة الإسرائيلية، وتحوّلت هذه العائدات الجمركية أداةً أساسية تستخدمها إسرائيل لشل الاقتصاد الفلسطيني والسلطة الفلسطينية على السواء (فرسخ، آذار 2015).

منذ بدء تطبيق "اتفاقيات أوسلو"، تعهدت الجهات المانحة، التي بلغ عددها 40 دولة وأكثر من 20 منظمة متعددة الأطراف والعديد من هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، بتقديم أكثر من 5 مليارات دولار للضفة الغربية وقطاع غزة، وصل منها فعلاً إلى هاتين المنطقتين ما بين 1994 و 2001  حوالي 4، 3 مليار دولار. ومن مجموع المساعدات، كان نصيب الجهاز الحكومي التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية حوالي 92 في المئة، بينما حصلت منظمات المجتمع المدني على باقي المبلغ (نخلة، 2004). وبرز الاتحاد الأوروبي بصفته المانح الأكبر للمساعدات، وهو اعتمد على كوادر فنية أجنبية في إدارة برامج المساعدات، بلغ عددهم "المئات، إن لم يكن أكثر، من المستشارين الفنيين ممن غزوا فلسطين أو تعرضوا لإغراءات المجيء منذ بدء تشكيل مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 تحت شعار وضع خبراتهم الفنية ومعرفتهم في خدمة قيام السلطة الفلسطينية، وبالتالي مواصلة عملية السلام".

خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في منطقة الشرق الأوسط، أو ما يعرف بـ"صفقة القرن"، هي الوجه الآخر لاتفاق  أوسلو وإعادة هيكلية الاحتلال وصفقة القرن تجسيد للأمر الواقع وخرق فاضح للقوانين والمواثيق الدولية ،وتصطدم صفقة القرن بالعديد من المطبّات، لا سيما في ظل الرفض الفلسطيني الشامل لها مقابل عدم توجيه الدعوة إلى ممثلين إسرائيليين رسميين للمشاركة في المؤتمر الإقتصادي، الذي يعقد في العاصمة البحرينية المنامة اليوم وغداً.

من حيث المبدأ، خطة "الاقتصاد أولاً"، ستدعو إلى إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصاديات الفلسطينيين والدول العربيّة المجاورة، وبناء ممر يربط بين الضفة الغربيّة وقطاع غزة، وستشمل 179 مشروعاً للبنية الأساسية وقطاع الأعمال، وتقترح أول مرحلة منها استثمارات قدرها 50 مليار دولار بالأراضي الفلسطينية ومصر والأردن ولبنان.

وفي حين تعلّق الولايات المتحدة الكثير من الآمال على هذه الخطة وهي لا تعدوا كونها مجموعة افكار سبق وان تم طرحها من قبل شمعون بيرس ورئيس حكومة الاحتلال نتنياهو وعرضت من قبل جون كيري وزير الخارجيه الامريكي ،ومن المعطيات كما  يبدو أن بعض الدول العربية، التي قررت المشاركة في مؤتمر البحرين، كانت "مُجبرة" على ذلك، انّما خفّضت مستوى تمثيلها، ما يدفع إلى السؤال عن الفائدة منه، طالما أن الجميع يعتبر أن الخطة ولدت "ميتة"؟.

وفي حين تبدو السلطة الفلسطينيّة غير قادرة على الإنجرار إلى دعمها، نظراً إلى التداعيات التي قد تترتب على ذلك، حيث ترى أن الهدف منها القضاء على القضية الفلسطينية، لا يمكن تجاهل الضغوط التي تتعرض لها من قبل بعض الدول العربية، المتحمّسة إلى الانخراط في هذه الصفقة، لا سيما أنّها تسمح لها بالترويج إلى تحالف إقليمي واسع بوجه الجمهوريّة الإسلامية في إيران.

وسط حالة المعارضة الشعبيّة الواسعة في العالمين العربي والإسلامي لهذه الخطة، هناك نقطة مفصليّة ينبغي التوقف عندها، تتعلق بأن البعض يضع العقبة الأساس عند غياب الإطار السياسي لهذه الخطة، ما يحتّم السؤال عما إذا كان حضور هذا الإطار سيدفع إلى إعادة النظر في الموقف منها، مع العلم أن الولايات المتحدة ترى أن الإنطلاق من الأوضاع الإقتصادية قد يكون هو المدخل الأفضل.

إنطلاقاً من ذلك، يمكن الجزم بأن واشنطن تريد إستغلال الأزمات الإقتصادية التي تمر بها الدول المجاورة لتسويق الخطة التي يحملها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتالي الإستمرار في النهج نفسه الذي تعتمده الإدارة الحالية في التعامل مع مختلف الملفّات حول العالم، والذي يقوم على معادلة العقوبات أو الضغوط الإقتصاديّة كمقدمة للجلوس على طاولة المفاوضات.

بناء على ما تقدّم، يمكن القول أن الضغوط الأميركيّة سوف ترتفع في المرحلة المقبلة، ومعها تلك التي ستقوم بها بعض الدول العربيّة، خصوصاً بعد الإنتهاء من مؤتمر البحرين الذي يجري التسويق له على نطاق واسع، وبالتالي هذه الخطة ستبقى حاضرة على طاولة البحث، لا سيما أنها عملياً قضت على خطة السلام العربيّة، التي تبنتها القمة العربيّة في بيروت في العام 2002، وسيكون البحث من اليوم عن الإطار الذي سيصدر عن هذا المؤتمر.

في المحصلة، صممت صفقة القرن لتقوم على قاعدة إنتصار الجانب الإسرائيلي، من وجهة نظر واشنطن، لا سيما بعد أن عمدت الإدارة الأميركيّة إلى إستباق المؤتمر الإقتصادي بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم الإعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، من دون تجاهل السعي إلى إستهداف وكالة الأونروا، وبالتالي المطلوب أن يكون هناكموقف وقرار استراتيجي يفشل مخطط تصفية القضيه الفلسطينيه ومخرجاتها ويقود قولا وفعلا التحلل من اتفاق اوسلو فالخروج من اوسلو  من شانه ان يعيد خلط الاوراق من جديد

 

 

التعليقات على خبر: المطلوب موقف استراتيجي للخروج من أوسلو والتحلل من التزاماته لإفشال صفقة القرن

حمل التطبيق الأن